. موائمة برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحرعلى الإطارالاستراتيجي لاتفاقية مكافحة التصحر2018-2030
تعتبر تونس من بين دول جنوب البحر المتوسط الأكثر تضررا من ظاهرة التصحر اعتبارا لما خلفته هذه الظاهرة من تدهور للنظم الإيكولوجية وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد والمجتمعات. ويهدد التصحر حوالي 80 ٪ من أراضي البلاد خصوصا الواقعة تحت تأثير المناخ الجاف والشبه جاف إضافة إلى التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية والأنشطة البشرية. وتتفاقم هذه الظاهرة نتيجة انخرام التوازن البيئي للمنظومات مما يؤدي إلى انخفاض انتاجيتها من جراء تدني خصوبة التربة وتدهور الغطاء النباتي والمراعي وتناقص التنوع البيولوجي.
ويعتبر التصحر في تونس من أهم التحديات البيئية باعتبار أنه يمثل عقبة رئيسية أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولمجابهته، تبنت تونس دائمًا سياسة تطوعية وكانت دائمًا رائدة في التزاماتها الفنية والمالية والقانونية تجاه الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة مكافحة التصحر. وفي هذا الإطار، تعد تونس من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر سنة 1995وأعدت برنامجها الوطني لمكافحة سنة 1998.
وبعد مرور عقدين على انطلاق تنفيذ هذا البرنامج الوطني لمكافحة التصحر، تبدو النتائج دون المأمول. حيث يفيد التقييم بوجود إخلالات ونقائص وقيود في العديد من المستويات سواء المتعلقة بآليات تنفيذ الاتفاقية الأممية ذاتها أو المرتبطة بالأوضاع الداخلية للبلاد والإمكانيات المتاحة للغرض.
وللتعامل مع هذه الوضعية وإعادة تفعيل المسار على أسس جديدة وتعزيز تنفيذ برامج العمل الوطنية، عملت البلدان الأطراف على تحسين آداء الاتفاقية من خلال إنشاء أطر استراتيجية أولها امتدت خلال الفترة 2008-2018. أما الثانية، التي دخلت حيز التنفيذ حاليًا، فتغطي الفترة 2018- 2030 بعد اعتمادها من قبل المؤتمر الثالث عشر للأطراف في أوردوس (الصين) في 15 سبتمبر 2017.
وللامتثال للمبادئ التوجيهية الجديدة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، شرعت تونس في تحيين برنامجها الوطني لمكافحة التصحر لعام 1998 وموائمته مع الإطار الاستراتيجي الجديد 2018-2030.
هذه الوثيقة هي ملخص لبرنامج العمل الوطني لمكافحة التصحرالجديدة، والذي يتوافق مع أهداف الإطار الاستراتيجي 2018-2030 ويتماشى كذلك مع أهداف التنمية المستدامة وبالتحديد الهدف 15 وغايته 15.3 بشأن تحييد تدهور الأراضي.
وتقترح هذه الوثيقة استراتيجية متما سكة وبرنامج عمل لتحسين القدرات لجميع الجهات الفاعلة في مجال المقاربات والتخطيط والتمويل والإجراءات والرصد من أجل مكافحة فعالة ومستدامة لظاهرة التصحر وعواقبه الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
منهجية العمل
تم اعتماد مرحلتين متكاملتين لتنفيذ هذا العمل، حيث قدمت المرحلة الأولى تقييمًا لتنفيذ برنامج عمل مكافحة التصحرمنذ اعتماده في عام 1998 حتى يومنا هذا. وقد أنجز ذلك في إطار تشاركي وتم التركيز على تحليل الإنجازات مقارنة بالتوقعات والمكاسب والمعارف المنقولة ومستوى مشاركة الفاعلين والمجتمع المدني، ... ، والتناغم بين مختلف الهياكل الفنية وهذا من خلال جرد الموارد الطبيعية والوضع الحالي لتدهور الأراضي.
وركزت المرحلة الثانية على تحيين برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر لعام 1998 بناءً على البيانات الوطنية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الجديدة، وموائمتها مع الإطار الاستراتيجي الجديد لاتفاقية مكافحة التصحر 2018-2030 ، مع الحفاظ على الصلة الوثيقة باتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وجدول أعمال القرن 21 وأهداف التنمية المستدامة.
ويوضح الرسم البياني التالي النهج المتبع ويسلط الضوء على العلاقة بين التحيين والموائمة:
مسار تحيين وموائمة برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر
. محتوى برنامج العمل الوطني 2018 - 2030
تستمد توجهات برنامج العمل الوطني، الذي تم إنجازه على أساس الإطار العشري الاستراتيجي 2018-2030، شرعيته من حدثين مهمين للأمم المتحدة:(1) المؤتمر الأممي حول التنمية المستدامة الذي انعقد في سبتمبر 2015 بنيويورك والذي وضع 17 هدفا أمميا للتنمية المستدامة ، وتحديداً الهدف 15 والغاية 15.3 بشأن تحقيقتحييد تدهور الأراضي و(2) مؤتمر الأطراف في دورته 13 والذي انعقد بأردوس (الصين) في سبتمبر 2017، حيث تمت دعوة كل الأطراف لموائمة برامجهم الوطنية لمكافحة التصحر مع الإطار الاستراتيجي العشري 2018-2030 وتحديد وضبط أهداف وطنية إرادية لتحقيق "تحييد تدهور الأراضي".
موائمة الرؤية الاستراتيجية:
تتأسس الرؤية الاستراتيجية لمكافحة التصحر وتحقيق غاية "تحييد تدهور الأراضي" على الرؤيةالتالية:« حماية التراب الوطني من ظاهرة التصحر وتحقيق "تحييد تدهور الأراضي" وبناء نظم ايكولوجية مرنة ومتكيفة مع تغير المناخ بما يحقق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ضمن مقاربة تشاركية «.
موائمة التوجهات:
إن التوجهات الاستراتيجية المعتمدة لبرنامج العمل الوطني المحين، سواء كانت التوجهات الفنية ذات الأولوية أو التوجهات الأفقية، هي تعبير ملموس عن الرؤية المشتركة بين مختلف شرائح المجتمع لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي. وهي تحدد الموضوعات التي تشكل إطار خطة العمل والدعم اللازم لأنشطته الأولية. وتتمثل عملية الموائمة في تحديد ارتباط كل نشاط من الأنشطة بأهداف الإطار الاستراتيجي للاتفاقية 2018-2030 وهي:
- الهدف 1: النظم الإيكولوجية ومكافحة التصحر وتحييد تدهور الأراضي،
- الهدف 2: الظروف المعيشية للسكان المتضررين،
- الهدف 3: الفوائد البيئية العالمية،
- الهدف 4: الموارد المالية وغير المالية،
باعتبار أن مكونات برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر ستتفرع الى مشاريع، فيمكن بطريقة معقولة ومقبولة أن نعتمد على فرضيات ومقاربات مقارنة تمكن من تأطير وتقييم كمَي، نسبيا دقيقا، لتكلفة النشاطات والعمليات المقترحة. ويرجع التقدير الدقيق للتكاليف لاحقا الى دراسات الجدوى لهذه البرامج والمشاريع.
أما في الوقت الراهن، وضمن هذا التقرير، فقد تم الاعتماد على مصادر متعددة للبيانات وخاصة الاستراتيجيات القطاعية سارية المفعول ودراسات المشاريع على النطاق المحلي وذلك لتقدير أوَلي لتكاليف الأنشطة والعمليات المدرجة ضمن برنامج العمل الوطني لمحين والموائم هذا.
وعليه، تقدر تكلفة تنفيذ برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر بحلول عام 2030، حوالي 3737 مليون دينار تونسي (تقدير 2019) مقسمة بين التوجهات الاستراتيجية الستة التي تنقسم بدورها إلى ثلاثة توجهات تقنية ذات أولويةوثلاثةتوجهات أفقيةكما هو مبين بالجدول أدناه، وسيتم تنفيذه على المخططات الخماسية الثلاثة 2016-2020 و2021-2025 و2026-2030 :
- التوجهات الفنية ذات الأولوية (أ) الكلفة (مليوند.ت)
48٪ |
1910 |
التوجه ذو الأولوية أ1. منظومات بيئية ومنظومات فلاحية مستدامة وقدرة إنتاجية للأرض محمية ومحسنة وذلك لبلوغ هدف "تحييد تدهور الأراضي" NDT |
|
30٪ |
1104,100 |
مقاومة تدهور الأرض من جراء الانجراف والتملح والتحويل العشوائي للصبغة |
المحور أ.1.1. |
9٪ |
351,700 |
حماية وتنمية المنظومات البيئية ودعم استدامتها وتحسين خدماتها البيئية |
المحور أ.2.1. |
9٪ |
328,400 |
استعادة الأراضي الفلاحية المتدهورةنتيجة الانجراف المائي أو الهوائي |
المحور أ.3.1. |
14٪ |
548,550 |
التوجه ذو الأولوية أ2. منظومات بيئية ومنظومات فلاحية أقل هشاشة وأكثر صمودا أمام تأثيرات التغييرات المناخية |
|
1٪ |
24,400 |
أقلمة المنظومات البيئية والمنظومات الفلاحية والرفع من صمودها إزاء التغييرات المناخية |
المحور أ.1.2. |
14٪ |
513,450 |
سياسة ناجعة للتصرف في الجفاف تقوم على دعم الأمن المائي |
المحور أ.2.2. |
15٪ |
588,300 |
التوجه ذو الأولوية أ3. تنمية "التراب الريفي" وتحسين ظروف عيش السكان المحليين |
|
11٪ |
415 |
تنمية المنظومات الفلاحية المستدامة التي توفق بين الاستغلال وحماية الموارد الطبيعية وتحسين ظروف عيش السكان وتحسين الأمن الغذائي |
المحور أ.1.3. |
4٪ |
148 |
بعث تنمية إدماجية ودعم صمود السكان إزاء التأثيرات السلبية للكوارث الطبيعية |
المحور أ.2.3. |
77٪ |
2885,050 |
المجموع 1 |
- التوجهات الأفقية (ب) :أدوات التنفيذ
- |
- |
التوجه الأفقي ب1. مقاربة جديدة تمكن من تشريك الفاعلين وتحقق تكامل وانسجامبين الاستراتيجيات القطاعية وأكثر قبولية لدى المتساكنين المحليين |
|
- |
- |
تثبيت مشاركة السكان المعنيين ضمن مقاربة "تنمية ترابية" |
المحور ب1.1. |
16٪ |
2677,100 |
التوجه الأفقي ب2. حوكمة جيدة للتصرف في الموارد الطبيعية تمكن من بلوغ هدف "إنهاء تدهور الأراضي" NDTومقاومة التصحر |
|
8٪ |
291 |
إطار مؤسساتي يحفز على التنسيق من أجل قيادة وانجاز ومتابعة مختلف عمليات مقاومة التصحر |
المحور ب1.2. |
4٪ |
152 |
إطار تشريعي يدعم البنية المؤسساتية ويحفز الفاعلين على تبني وتملَك المخطط الوطني لمقاومة التصحر |
المحورب2.2. |
3٪ |
101 |
تفعيل نظام المتابعة والتقييم حول "تحييد تدهور الأراضي" ومكافحة التصحر وذلك بدمج النظامين لكل من المرصد التونسي للبيئة والتنمية المستدامةونظام المعلومات حول التصحر . |
المحور ب3.2 |
1٪ |
47,500 |
برنامج لدعم البحث العلمي وتقاسم المعارف والمهارات المحلية وإدراج هذا المجهود ضمن سياق تعاون دولي |
المحور ب 4.2 |
0٪ |
15,600 |
إستراتيجية اتصال |
المحور ب 5.2 |
7٪ |
245 |
التوجه الأفقي ب3. تعبئة الموارد المالية على الصعيدين الدولي والوطني |
|
7٪ |
245 |
تنمية الموارد المالية المجددة الداخلية |
المحور 1.3. |
- |
- |
مواصلة العمل لتعبئة الموارد المالية الخارجية |
المحور 2.3. |
23٪ |
852,100 |
المجموع 2 |
|
100٪ |
3737,150 |
المجموع العام (1+2) |
وتتفرع التوجهات الإستراتيجية التي تم تحديدها إلى محاور وأنشطة وعمليات سيتم تنفيذها حسب رزنامة زمنية على امتداد المخططات الخماسية الثلاث المقبلة وتفاصيل تكاليفها والمؤسسة المتعهدة بها.
وتبين هذه الجداول أن المخطط الخماسي 2016-2020 سيشهد إنفاق 44٪ من التكلفة الإجمالية (1644,3 مليون د)، وفي الخماسية الثانية 2021-2025 سيقع إنفاق 36٪ من التكلفة الإجمالية (1346,4 مليون د)؛ في حين تقتصر فترة الخمس سنوات 2026-2030 على 20٪ من التكلفة الإجمالية (747,4 مليون د).